#تركيا_الآن #اردوغان #تركيا
خلف أسوار قصر "طوب قابي" مقر سلاطين الدولة العثمانية، حيكت المؤامرات، وفاحت رائحة الدماء
لقرون،
فما ارتكبه آل عثمان من مجازر كغزاة ومستعمرين لكثير من البلدان لم يكن إلا امتدادا لسلسال دم بدأ بقتل الابن لأبيه والأخ لأخيه..
قاسي القلب، غليظ، متعطش لسفك الدماء.. هكذا عُرف سليم الأول تاسع سلاطين الدولة العثمانية الذي لم يدخر غال أو نفيس في سبيل العرش، حتى لو كان الثمن قتل أبيه وأخوته وكثير من أفراد عائلته..
سنوات من الصراع بدأها سليم مبكرا إلى أن أجبر والده بايزيد الثاني للتنازل عن الحكم في الخامس والعشرين من أبريل عام 1512 م وما إن سيطر على مقاليد الحكم حتى دس السم لأبيه خشية تهديد عرشه من جديد
لم يكتف سليم بذلك بل امتد بطشه لإخوته "قرقود" و"أحمد" إذ كان الأخير وليا للعهد.. ليصل إلى سدة الحكم عبورا بجثتي شقيقيه وعدد من رجال دولته
حينما وطد سليم أركان حكمه استدار إلى كنوز الشرق، مطالبا بفتوى تشرعن حربه ضد المسلمين في مصر والشام إذ كان يخشى عدم الحصول على تأييد المسلمين في إسطنبول لحربه الجديدة..
وسرعان ما كانت الفتوى بين يدي سليم.. بتوقيع الشيخ زنبيلي علي أفندي فقد كان على رأس مشيخة الإسلام التابعة للدولة العثمانية، وكان يتقاضى راتبه من السلطان.
هزم سليم المماليك في موقعة مرج دابق عام 1517 واستولى على سوريا، وما إن أخضع الشام لسيطرته ونهب ثرواتها حتى توجه صوب مصر التي كانت بالنسبة له حلما صعب المنال
في تلك الأثناء اختار المماليك طومان باي لخلافة سلطانهم قنصوة الغوري الذي قتل في موقعة مرج دابق.. فما كان من سليم إلا أن عرض على طومان باي الصلح مقابل اعترافه بالولاية العثمانية على مصر، الأمر الذي رفضه السلطان المملوكي معلنا استعداده لملاقاة سليم الأول وجيشه.
رافعين راياتهم الحمراء، شاهرين سيوفهم في وجه أهالي المحروسة، هكذا كان جنود سليم الأول الذين أحاطوا به في موكب حافل عند دخول القاهرة في 23 يناير عام 1517
لكن كان هناك ما عكر صفو اللحظة التي انتظرها سليم طويلا.. إذ باغته طومان باي وجيشه بهجمات مزلزلة في منطقة "بولاق" واشترك معه المصريون ببسالة وجسارة مشعلين النيران في معسكر السلطان العثماني..
ومن هنا أصبحت قاهرة المعز أرضا للمعركة.. من كر وفر وحرب شوارع مفتوحة بين المماليك والعسكر العثماني الذين تتبعوا نقاط المقاومة وقبضوا على الكثير من المماليك وقتلوا العوام من النساء والشيوخ والأطفال وأحرقوا بيوتهم..
القتال يحتدم.. أزقة القاهرة وحاراتها تعج بجثث القتلى أجساد بلا رؤوس.. بينما يصر طومان باي ومن معه من رجال المقاومة على الصمود مكبدين جيش سليم الأول خسائر فادحة
لكن الكثرة العثمانية تفوقت على الشجاعة.. ونفذ الغزاة مذابح مروعة راح ضحيتها نحو 50 ألفا من أهل مصر، وأُجبر طومان باي على الانسحاب لقلة العتاد.. حتى سُلم القائد النبيل إلى السلطان العثماني سليم الأول
مهيبا كان مشهد إعدام طومان باي شنقا على باب زويلة.. بينما قلوب المصريين تدمي..يبكون قائدا باسلا دافع عن الأرض والعرض
وهنا.. نصب سليم الأول نفسه واليا على مصر لينتهك حرمتها ويغنم أموالها ويقتل أبطالها ويسبي نساءها
لم يكتف سليم الأول بذلك بل عمد إلى نهب العلوم وتدمير البنية الاقتصادية لمصر من خلال نقل الصناع والحرفيين إلى إسطنبول
غادر